أيّ ذنب اقترفه محمد "الطفولة" و"البراءة" فكان عقابه الموت ؟
ماذا جنت يداه كى يكتب صاروخٌ نهايته ؟
وهو الذى لم يرفع القلم بعد لخطّ كلمته الأولى فى سِفْر الحياة الحزين ؟
هل نزل من بطن أمّه يحمل رشّاشا ؟
هل كان مشدودا إليها بحزام ناسف ؟
أم أنّ عرّافة / جرّافة إسرائيليّة ، فى غرفة مهجورة قذرة ، تنبأت بميلاد ثائر جديد يلمع من عينيه ..؟
هل كانت بسمته البريئة ، وهو يستقبل حياته الجديدة المتورّطة فى الموت والدّمار ، نسخة مُطوّرة من صواريخ "القسّام"؟
ها هو محمّد جديد ، فى غفلة من كبريائنا الواهية ، وضمائرنا التى بعناها للوهم ، يفارق حضن أمّ لم يشبع بضمّها بعد ، وينضاف إلى سجلّ الموعودين بالموت فى الأرحام ، مخترقا جدار الصّمت الذّى عشّش فينا من الرّأس إلى القدمين ...
قدر هذا الشّعب الذّى رسمه الطّغاة بجبروتهم ، وعبّد طريقه عرب النّكبة والنّكسة والقمم الجوفاء ، أن يكون على موعد مع الموت من صرخة المجيء إلى ظلمة القبر الأخير ...
ينتظره ، فى كلّ صباح وعند المساء ، أن ينزل مع الماء من الحنفيّة ، أو أن يُدسّ له فى عجين الخبز الصباحيّ ...
يتعقّبه فى الحافلة .. فى الحقل .. فى المدرسة .. فى الكنائس .. فى المساجد وفى يقظته ومنامه ... أينما ولّى وجهه - هروبا من طبخة تهجيره وتوطينه وتشريده .
فثمّة أصناف متنوّعة من موت لذيذ ، له أن يختار أشهاها ...
فى كلّ أرض يولد النّاس كى يحيوا ، ويولد الفلسطينيّون للكفن ..
محكوم عليهم أن يموتوا فى الملاجئ وفى المنافى وفى سجون وطنهم ...
دورهم أن يزيّنوا مشهد الحقد والغطرسة بدمائهم ... حياتهم فى شبه وطن صفقة ، وموتهم صدفة ...
يستوى فى المصير المحتوم الصغير والكبير ، والرّاضى المستكين ، والرّافض ..
محمّد "الموؤود" ...
رسالة مضمونة الوصول .
واضحة المعالم إلى قمّة الآمال الموؤودة ...
اجتمعوا أو لا تجتمعوا ..
إنّا هنا ميّتون ، الآن أو غدا .
غرقا فى بترولكم الوسخ .
أو اختناقا بوعودكم الكاذبة .
أو احتراقا بقراراتكم الباردة...
فكلَّ "جامعة" وأنتم عرب .
وكلَّ "عرب" وأنتم مجتمعون.